فجأة تتدفق الأفكار والذكريات الشخوص والمشاعر كلها وكأنها كانت مخبأة في أرشيف ما ، أحاول أن أجد لها ترتيب منطقي ولا يوجد رغم أنها راسخة في ذاكرة العقل وهو بدوره أحق بالمنطق لكنني أؤمن أنه لا يستطيع أن يُمنطق كل الأشياء ، ثمة أشياء عصية على التصنيف وعلى الراتيبية في نسق ما ، هكذا حين تلامسها الريح في لحظة غير محسوبة تطفو على السطح رغم وجودها في أعمق مكان على الإطلاق ، أشعر بها ما بين مد وجزر كالأمواج تأتي عارمة بيد أن الفرق بينهما أنني أشعر بها ولا أستطيع أن ألمسها والأمواج بوسعي أن ألمس اختلاجها في البحر ؛
آه أقلت البحر ! حسنًا لعل الأمر يستحق المقارنة عندما تسطع الشمس وتعكس الضوء بفتنتها الآسرة على سطح البحر تسرق العين لتتعجب في بديع المنظر الخلاب وكذلك تلك الأشياء عندما تنبثق من أرشيف الذاكرة لتعزف أحساسيها وانعكاس الصور الذهنية والشعورية  على مدى اللحظة لتسرق العقل والروح معًا لتتفرغ من كل شيء وتراقب انسيابها الحر في كثافة اللحظة ، وأيَّا كانت المجريات فإنها تفتح للحضور الوارف أبواب التداعيات ليصبح الزمن في الداخل يُعادل الزمن في الخارج حسب التوقيت المحلي لجوهر الكينونة ولأن لكل  كينونة حقائق مختلفة عن الأخرى ولكن تتفق في الإيمان المطلق المتجذر في دعائمها أنه متى ما أحسن المرء سبر ماهيتها وجد ضالته واتخذت الأجوبة مسارًا يثبت من خلاله أن في الجوهر ثمة أشياء مُغيبة تمامًا حتى يكتشفها الإنسان في وقت ما ، ورغم اختلافاتها من كائن لآخر حسب عدة عوامل لا يتسع المجال لحصرها ولكنها كبصمة اليد في الإنسان حيث لكل منا بصمة لكن لا يمكن أن تجد في الكون كله بصمة مطابقة لها تمامًا ؛ هكذا هي الكينونة فيها شيء يوجد عند كل إنسان لكنه مختلف ومتفاوت تمامًا عند الإنسان الآخر ، نتفق في التسمية ونختلف في الجوهر .

بقلم : رهام مدخلي 
Reham90md